السؤال: ما قول فضيلتكم في «الحج المرَفَّه» الذي يعلن عنه هذا الأيام، وتوفره بعض شركات السياحة، ويطلق عليه البعض «حج 5 نجوم» فهم في مكة وفي منى وفي عرفات ينزلون في مستوى الفنادق الكبرى، وتوفر لهم كل أسباب الراحة والرفاهية، فهل لهؤلاء أجر في حجهم كسائر الحجيج الذين يعانون من المشقات ما يعانون، ينامون على الأرض، ويأكلون ما تيسر لهم، وقد لا يجدون ما يأكلونه إلا بشق الأنفس؟
نرجو أن توضحوا لنا هذه النقطة؛ لأن بعض الإخوة يقول: إن هذا الحج لا ثواب فيه. نفع الله المسلمين بعلمكم وبيانكم.
جواب فضيلة الشيخ:
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
فأول ما يحدد الأجر على العمل هو النية، والإخلاص لله تعالى، فكم من عمل ظاهره حسن، وباطنه مدخول مغشوش، ولا نستطيع أن نحكم على هؤلاء الحجاج الموسرين المرفهين بأنهم جميعًا يريدون المباهاة، وليس لهم نية خالصة في حجهم.
ثم إحسان العمل بحيث يكون على المنهج الشرعي، بعيدًا عن الخلل والابتداع، فمن يعمل عملًا ليس على الهدي النبوي فهو رد عليه، وقد قال الفضيل ابن عياض: أحسن العمل أصوبه أو أخلصه، فلا يُقبل العمل إلا أن يكون خالصًا صوابًا، وخلوصه أن يكون لله، وصوابه أن يكون على السنة.
ثم إن الأجر بعد ذلك على قدر النَّصَب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة «أجرك على قدر نصبك».
فلا يتساوى عند الله الحاج المرفه مع الحاج المتعب المكدود، وإن كان المرفه قد يكسب الأجر بسبب إنفاق ماله على الفقراء والمعدمين، وبسبب حسن خلقه وصدق نيته، وغير ذلك.
والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:40).