![]() |
السؤال: المشكلة في الحج المعاصر تجسدت في رمي الجمرات التي تحدث عنها المتحدثون وكنا نتمنى أن يفيضوا فيها أكثر وأصبحت هناك أرواح تزهق ومسلمون يموتون بسبب الزحام وضاع الخشوع في جو الزحام والصراع الرهيب وانتهى التذكر وأصبح الناس يخافون من رمي الجمرات، همهم الأكبر كيف ينجون بدون إصابة يبقون أحياء، فهل هناك فتوى يجمع عليها العلماء بجواز رمي الجمرات طوال اليوم، أعني: قبل الزوال؟!
جواب فضيلة الشيخ القرضاوي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
أما الحصول على فتوى بجواز الرمي قبل الزوال يجمع عليها العلماء، فلا زال هذا أمرا بعيدا، وإن لم يكن مستحيلا، ولكن مما يؤسف له أن كثيرا من العلماء يغلب عليهم تقليد مذاهبهم ، كما يغلب على آخرين الأخذ بالأحوط لا الأخذ بالأيسر، ولكني أقول:
قد أفتى بهذا الجواز ثلاثة من أئمة التابعين ومن الفقهاء المشاهير. أفتى بذلك عطاء بن أبي رباح وقد كان يقال: هو أفقه التابعين في المناسك لأنه فقيه مكة، وأفتى بذلك طاووس أيضا فقيه اليمن، وهذا من أصحاب ابن عباس، وأفتى بذلك أبو جعفر الباقر من أئمة آل البيت، وأفتى بذلك عدد من فقهاء المذاهب منهم الإمام الرافعي في مذهب الشافعية وغيرهم، فهذا أمر ليس جديدا، والشيخ عبد الله بن زيد المحمود ألف رسالته الشهيرة (يسر الإسلام) وذكر فيها من الأدلة العقلية والنقلية والفقهية والأصولية ما يرجح جعل هذا الأمر جائزا، فأقول: أن نصل إلى إجماع في هذا: هيهات أن نصل إلى إجماع، لكن حسبنا أن نجد من العلماء المعتبرين من أمثال العلامة الشيخ مصطفى الزرقا وغيره ممن أفتوا بهذا، فللمسلم أن يأخذ بهذا ولا حرج عليه، والآن نرى في الحقيقة الناس يبدأون من بعد صلاة الفجر وطول النهار، ولا ينتهي الوقت ولا الرمي، ولو أخذنا من الناحية الحسابية الرياضية: لو حسبت مليونين على هذه المساحة المكانية وهذا الزمن، لا يمكنك إلا أن توسع ما استطعت من الزمن، حتى تسع هذا العدد الهائل من البشر.
فالرسول عليه الصلاة والسلام ما سُئل في مثل هذه الأمور إلا وأجاز، في حجة الوداع نجد من يقول له: رميت قبل أن أذبح، وآخر: حلقت قبل أن أرمي، أو ذبحت قبل كذا، يقول له: "افعل ولا حرج"، فرفع الحرج عن الأمة، فلماذا نجلب الحرج نحن عليها، والمشقة تجلب التيسير كما قال العلماء؟ وقالوا أيضا: إذا ضاق الأمر اتسع. والله أعلم.