السؤال: نريد أن نعرف باختصار شديد فرائض الوضوء وسننه وجزاكم الله خيرا
الاجابه:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فالفرض المتفق عليه في الغسل هو تعميم الجسد بالماء، وباقي الأشياء مختلف في فرضيتها كالمضمضة والاستنشاق ، والنية والمولاة.
أما سنن الغسل فهي كثيرة منها غسل اليدين والوضوء والبدء بالجانب الأيمن ثم الأيسر والدلك وغير ذلك.
يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في كتاب فقه الطهارة :
الفرض المتفق عليه، هو: تعميم ظاهر الجسد كله بالماء. إما بأن ينغمس فيه، كما لو اغتسل في نهر أو مسبح أو مغطس أو نحو ذلك. وإما يصب الماء عليه من إبريق أو إناء أو مما نسميه في عصرنا (الدُّش). بحيث يصيب الماء جميع ظاهر البدن. لقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ) المائدة: 6، وقوله: (وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ) النساء: 43. وقوله تعالى في شأن الحائض: (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة: 222.
وقد اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في الغسل، فبعضهم جعلها فرضا في الوضوء والغسل معا، كالحنابلة، وبعضهم جعلها سنة فيهما معا كالمالكية والشافعية، وبعضهم جعلها سنة في الوضوء، فرضا في الغسل كالحنفية.
ومما اختلفوا فيه من فرائض الغسل: النية، والحنفية اعتبروها سنة، والجمهور اعتبروها فرضا للحديث المتفق عليه: "إنما الأعمال بالنيات".
على أن الذي يخفف من هذا الخلاف: أن النية لا تنفك عمن يريد رفع الحدث، أو إقامة السنة. إذ النية محلها القلب، وليس من اللازم ـ بل ليس من المطلوب ولا المشروع ـ أن يقول: نويت الاغتسال للجنابة، أو نويت فرض الغسل، أو رفع الحدث الأكبر، أو استباحة الصلاة، أو غير ذلك مما يقوله الناس، فهذا لا ضرورة له، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، والخير في الاتباع، والشر في الابتداع.
وبعض الفقهاء أوجب الموالاة، وبعضهم أوجب الدلك، ولا دليل على وجوب ذلك. والأصل: براءة الذمة من التكليف حتى يثبت بنص صحيح صريح.
ونية الغسل تكفي عن الوضوء، إذ الحدث الأصغر مندرج في الحدث الأكبر. ولو اجتمع غسل جنابة وغسل جمعة: فإن غسلا واحدا يجزئ عنهما.
سنن الغسل: وسننه: أن يبدأ بغسل اليدين إلى الكوعين، ثم يغسل فرجه، ثم يتوضأ فيغسل جميع أعضاء الوضوء إلا القدمين، فله أن يؤخرهما. ثم يفيض الماء على سائر جسده، بادئا بشقه الأيمن، ثم الأيسر، ثم يغسل رجليه إن لم يغسلهما مع الوضوء. وقد كان عليه السلام يحب التيامن في طهوره وفي شأنه كله.
نقض الضفائر ونحوها في الغسل: ومن كان له ضفائر أو نحوها مثل ما يصنعه بعض النساء ي عصرنا من (فورمات) ونحوها، فليس مطلوبا منهن أن ينقضن هذه الضفائر ونحوها. وقد قالت أم سلمة: يا رسول الله! إني امرأة شديدة عقص الرأس، أفأحله إذا اغتسلت؟ قال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين" رواه الجماعة إلا البخاري.
وبعضهم خص ذلك بالمرأة، وأوجب على الرجل أن ينقض شعره، ولا دليل على ذلك، وإنما النساء شقائق الرجال. والأصل المساواة في الأحكام.
وهذا الحكم ثابت في حالة الجنابة، وحال الحيض أيضا خلافا لما ذهب إليه بعضهم من وجوب نقض المرأة رأسها في الحيض، استدلالا بما روته عائشة قالت: قدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج" قال الشوكاني: واختصاص هذا بالحج: لا يقتضي ثبوته بغيره، لا سيما وللحج مدخلية في مزيد التنظيف، ثم اقترانه بالامتشاط، الذي لم يوجبه أحد: يدل على عدم وجوبه.
ومما يدل على ذلك: ما رواه مسلم عن عائشة: أنه بلغها أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: يا عجبا لابن عمرو، وهو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا أمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، فما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات".
وقال بعضهم: إن النقض مندوب فقط.
والله أعلم