هل تجيز الشريعة الغراء للحكومة المسلمة أن تصدر القوانين التي لم ترد نصا في الشريعة الإسلامية كالتي تنظم العلاقة بين الناس وبعضهم؟ وهل يجب على الشعب التقيد به شرعًا؟ أم يجوز لبعض الناس الخروج على هذا القانون، وعدم التقيد به بدعوى أنهم أحرار التصرف في أملاكهم؟ مع أن هؤلاء الناس في ظاهرهم متدينون، ويصلون ويصومون، ويحجون ويعتمرون.
نرجوا التكرم ببيان رأي الشرع في مثل الموقف، حتى نعرف ويعرفوا الحلال من الحرام.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأحكام في الشريعة الإسلامية نوعان، نوع ثابت لا يقبل الاجتهاد ولا التجديد لا من الحاكم ولا من المحكوم، وهذا كالعقائد والعبادات وأصول التشريع، وغيرها، وهذا لا يملك الحاكم تغييره ولا تبديله، وإن غيره أو بدله فلا طاعة للرعية له في أمر يهدم ثابتا من ثوابت الدين، والنوع الثاني وهو المتغير الذي يتغير باختلاف الظروف والأحوال والعادات وكذلك المباحات فللحكام ـ بعد الرجوع لأهل الحل والعقد وبمراعاة مصالح الناس ودون الخروج أو الاصطدام بالثوابت ـ لهم أن يغيروا هذه الأحكام أو يقيدوا المباح أو يقننوا المصالح وعلى الرعية السمع والطاعة في هذه المسألة .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: إن من خصائص الشريعة الغراء أن في أصولها وقواعدها من المرونة والسعة ومراعاة الواقع، ما يجعلها كفيلة بمواجهة كل جديد من أطوار الحياة ومشكلاتها، بالعلاج الناجح، والحل الحاسم العادل.
وقد أدرك فقهاؤنا - رحمهم الله - حتى في العصور المتأخرة هذه المزية الظاهرة للشريعة، وهي "المرونة" و"الواقعية" فلم يجمدوا كالصخر أمام تطورات الحياة، وتغير أخلاق الناس، الذي يعبرون عنه بفساد الزمان، ولهذا وسعوا علي القضاة والحكام في أمور السياسة الشرعية وتدبير أمر الرعية، بما يحقق العدل، ويرفع الظلم، ويقطع دابر الفساد.
والله أعلم
- المصدر: إسلام أون لاين