لما كانت الشركات لا تنحصر نشاطاتها الاستثمارية في مجال واحد متطابق، بل تنقسم الشركات حسب طبيعة نشاطاتها الاستثمارية أو التجارية إلى أنواع تختلف اختلافاً واضحاً، ويقتضي هذا الاختلاف تغييراً في كيفية حساب زكواتها تبعاً لذلك، وأهم أقسامها يمكن إجمالها بما يلي:
الشركات التجارية، والشركات الصناعية أو شبه الصناعية، والشركات الاستثمارية كالفنادق وسيارات النقل وغيرها.
يقول د. يوسف القرضاوي: إذا أردنا أن نأخذ بالنظر إلى الأسهم تبعاً لنوع الشركة - أياً كان نوعها - معاملة الأفراد، إذا ملكوا ما تملكه الشركات من مصانع أو متاجر لشركات صناعية أو شبه صناعية، وأعني بها تلك التي تضع رأس مالها أو جله في أجهزة وآلات ومبان وأدوات، كالمطابخ، والمصانع، والفنادق، وسيارات النقل والأجرة ونحوها، هذه الشركات لا تؤخذ الزكاة من أسهمها بل من إيراداتها وربحها الصافي بمقدار العشر كما رجحناه في زكاة المستغلات، وكما نعامل المصانع والفنادق ونحوها لو كانت ملكاً للأفراد على ما اخترناه من قبل.
أما الشركات التجارية وهي التي جل رأس مالها في منقولات تتاجر فيها ولا تبقى عينها، فهذه تؤخذ الزكاة من أسهمها حسب قيمتها في السوق، مضافاً إليها الربح، وتكون الزكاة بمقدار ربع العشر 2.5% بعد طرح قيمة الأثاث الثابت من الأسهم، كما ذكرنا في عروض التجارة: أي الزكاة في رأس المال المتداول المتحرك. وهذه المعاملة للشركات التجارية هي نفس المعاملة التي تعامل بها المحلات التجارية إذا كانت ملكاً للأفراد ولا فرق.
عروض تجارة
وإلى جانب الاتجاه الذي ذكرناه نجد اتجاهاً آخر يخالف الاتجاه الأول أنه لا ينظر إلى الأسهم تبعاً لنوع شركاتها، فيفرق بين أسهم في شركة وأسهم في أخرى، بل ينظر إليها كلها نظرة واحدة، ويعطيها حكماً واحداً بغض النظر عن الشركة التي أصدرتها.
ولكن هل تؤخذ الزكاة من إيراد الشركة مع الأسهم؟
يقول د. القرضاوي: إذا اعتبرنا هذه الأسهم رأس مال تجارياً وأخذنا منه زكاة التجارة، فهل يجوز أن نأخذ من الشركات التي يتكون رأس مالها من هذه الأسهم زكاة على إيراداتها؟
قرار مجمع الفقه الإسلامي حول زكاة الأسهم في الشركات
أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نُصَّ في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.
ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة، لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه زكى أسهمه على هذا الاعتبار، لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك: فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستَغَلات، وتمشياً مع ما قرره المجمع بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليها في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقييم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5% من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح.
رابعاً: إذا باع المسلم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته، أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.
وإذا كانت الشركات لديها أموال تجب فيها الزكاة كنقود وعروض تجارة وديون مستحقة على المدينين الأملياء، ولم تزك أموالها ولم يستطع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الموجودات الزكوية فإنه يجب عليه أن يتحرى ما أمكنه، ويزكي ما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية، وهذا ما لم تكن الشركة في حالة عجز كبير بحيث تستغرق ديونها وموجوداتها، أما إذا كانت الشركات ليس لديها أموال تجب فيها الزكاة، فإنه يزكى الريع فقط، ولا يزكي أصل السهم».
والله أعلم.
- المصدر: جريدة الشرق القطرية