![]() |
تخالف أعمال الاضطهاد القوانين الدولية والقوانين الصينية المحلية |
استنكر الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشدة منع المسلمين في إقليم شينغيانغ الصيني من صيام شهر رمضان، كما استنكر في الوقت نفسه أعمال الاضطهاد الديني والعرقي التي تتوالى ضد مسلمي الصين خصوصا في الإقليم ذو الغالبية المسلمة.
وطالب الإتحاد -في بيان- المؤسسات الحقوقية الدولية والحكومات والمنظمات الإسلامية وخاصة منظمة التعاون الإسلامي بمساندة شعب شينغيانغ المسلم في مواجهة تعنت حكومته الصينية حتى يحصل على حقوقه الفطرية والقانونية.
وأكد الإتحاد أن الجرائم التي ترتكبها الحكومة الصينية ضد المسلمين لا يجوز أن تمر بصمت إسلامي، وإن تغافل عنها العالم الغربي.
وحذر الإتحاد من أنه إذا لم تستجب الحكومة الصينية إلى هذا النداء، فإن علماء المسلمين في العالم لن يدخروا وسعا في تعرية هذا الموقف العدائي السافر أمام شعوبهم وحكوماتهم، مما سيكون له أثره الاقتصادي والاجتماعي تجاه الصين.
نص البيان:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه (وبعد)
تابع الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين باهتمام بالغ حالة الاضطهاد الديني التي يتعرض لها المسلمون في الصين بشكل عام وفي إقليم شينجيانغ بوجه خاص، وبخاصة بعد أن أصدرت حكومة الصين إخطارات لأعضاء الحزب والموظفين والأساتذة والطلاب في محافظة شينجيانغ تلزمهم بالإفطار في رمضان وعدم ممارسة أي شعائر دينية، وكذلك ألزمت الحكومة المحلات والمطاعم أن تفتح في نهار رمضان وأن تبيع الطعام للمواطنين، كما أخذت تعهدات على أولياء الأمور بتفطير أبنائهم، وعدم صومهم في الشهر الكريم (كما ورد في صحيفة ذي إندبندنت) ويأتي كل ذلك إضافة إلى قرارات سابقة منذ أشهر ألزمت بموجبها حكومة الصين المحلات والمطاعم المملوكة للمسلمين في شينجيانغ ببيع السجائر والخمور للمواطنين وإلا تعرضوا للإغلاق، كل هذه الأمور تزيد من حالة الاحتقان والتوتر الموجودة لدى المسلمين الإيغوريين في الصين، وتتسبب في تعقيد الأمور بين المسلمين والحكومة.
ويذكر الإتحاد بأن هذا الإقليم -المعروف سابقاً باسم تركستان الشرقية- والذي تبلغ مساحته 1.6 مليون كيلو متر مربع، كان تحت السيادة التركية فترة طويلة من الزمن، قبل أن يعلن الإقليم استقلال دولته تحت مسمى "جمهورية تركستان الشرقية"، التي ما لبثت أن تلاشت تحت السيطرة الصينية في حكم ماو تسي تونغ، والذي أطلق عليها اسم "الجبهة الجديدة" أو شينغيانغ. وعلى رغم الوعود الصينية بإعطاء الإقليم صفة حكم ذاتي، من الجوانب الدينية والثقافية واللغوية، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث.
كما يذكر الإتحاد أن الصين، التي غيرت كثيراً من سياساتها الخارجية والداخلية في العقود الأخيرة، وأصبحت تبعاً لذلك إحدى القوى العالمية المؤثرة دولياً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، إلا أن أمراً واحداً لم يتغير: ذلك الأمر هو سياسة القمع الداخلية ضد المسلمين!
فمنذ أن استولى الشيوعيون على الحكم عام 1946، فُرض على المسلمين الزواج المختلط وصُودرت أملاك الأوقاف الإسلامية، ومُنع الوعاظ والمدرسون الشرعيون من التدريس، وهُدمت غالبية المساجد، وأُحرقت الكتب الإسلامية، وأُغلقت المدارس الإسلامية، وتم إلقاء القبض على زعماء المسلمين وزج بهم في المعتقلات .
والإتحاد العالمي لعلماء المسلمين إزاء هذه المواقف الرسمية الصينية الأخيرة، يؤكد على ما يلي:
1- يستنكر الإتحاد بشدة منع المسلمين في محافظة شينغيانغ الصينية من صيام شهر رمضان المبارك، وهو من الفرائض الأساسية التي فرضها الله على المسلمين، كما يستنكر إجبار الأهالي على التوقيع بإلزام أبنائهم الإفطار قسراً في نهار رمضان.
2- إن أعمال الاضطهاد الديني والعرقي التي تتوالى ضد المسلمين خصوصاً في إقليم شينغيانع - ذي الغالبية المسلمة - تأتي مخالفة للقوانين الدولية والقوانين الصينية المحلية كذلك
3- إن السياسات التي تتبعها الحكومة الصينية، تأتي مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي صادقت عليها الحكومة الصينية، وهو الأمر الذي يعد خرقاً جسيماً لركيزة من أهم ركائز القانون الدولي المعاصر.
4- إن حرمان المسلمين الصينيين من حقوقهم الدينية، فيه خرق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي نص في المادة الثانية على منح "كل إنسان حق التمتع بالحقوق والحريات من دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين..".
5- إن القمع الديني الذي تقوم به السلطات الصينية يأتي مناقضاً للتشريعات الصينية الداخلية. ففي عام 1978، وبعد أن بدأت الحكومة الصينية سياسة جديدة مع الأقلية المسلمة داخل أراضيها، تم تشريع قانون داخلي يقضي بعدم انتهاك أعراف وعادات الأقليات القومية.
6- يدعو الإتحاد الحكومة الصينية إلى احترام حقوق المسلمين، ومراعاة مشاعرهم الدينية، والتوقف عن اضطهادهم، أو استهدافهم بتهم باطلة، أو إلزامهم بمخالفة قواعد وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدينون به .
7- يطالب الإتحاد الصين بالعدول عن قراراتها بإلزام المسلمين الإفطار في نهار رمضان، والتوقف عن إجبار المحلات والمطاعم لبيع الطعام قهراً في رمضان، أو بيع الخمور والسجائر بالمخالفة لتعاليم الدين الإسلامي.
8- يطالب الإتحاد المؤسسات الحقوقية الدولية والحكومات والمنظمات الإسلامية بمساندة شعب إقليم شينغيانغ المسلم، والوقوف معه في مواجهة تعنت حكومته الصينية، وأن يعينوا الشعب الصيني المسلم على الحصول على حقوقه الفطرية والقانونية.
9- يخص الإتحاد منظمة التعاون الإسلامي التي تتطلع إليها أنظار المسلمين في كل مكان أن تقوم بدورها المنوط بها في الذود عن حقوق المسلمين في الصين عبر جميع الوسائل السياسية والقانونية والشعبية المشروعة.
10- يهيب الإتحاد بوسائل الإعلام العربية والإسلامية أن ترفع صوتها عالياً لنصرة إخوتها في الصين ولتعظيم شعيرة الصيام، يقول الله تعالى "ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ"(الحج:32).
11- يعيب الإتحاد على الدول الغربية ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الغربية صمتها الشائن حيال هذه الانتهاكات الدينية والقانونية لمسلمي الصين.
12- يذكر الإتحاد أن الجرائم التي ترتكتبها الحكومة الصينية ضد المسلمين، جرائم قانونية دولية جسيمة، لا تسقط بالتقادم. كما يؤكد الاتحاد على أنه لا يجوز أن تمر بصمت إسلامي، وإن تغافل عنها العالم الغربي.
13- وإذا لم تستجب الحكومة الصينية إلى هذا النداء، فإن علماء المسلمين في العالم لن يدخروا وسعا في تعرية هذا الموقف العدائي السافر أمام شعوبهم وحكوماتهم، مما سيكون له أثره الاقتصادي والاجتماعي تجاه الصين.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
الدوحة في 07 رمضان 1436 هـ
الموافق 24 يونيو 2015م
الأمين العام رئيس الإتحاد
أ. د. علي القره داغي أ. د. يوسف القرضاوي