احتجاجات مناهضة للرسوم المسيئة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين، وبعد،

فقد تابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن كثب الآثار التي ترتبت على نشر صحيفة نيريكس أليهندا التي تصدر في السويد رسمًا كاريكاتوريًا مسيئًا إلى رسول الله محمد e.

وإذ لاحظ الاتحاد أن في هذا التصرف المستهجن تكرارًا لمثيل له سابق قامت به صحيفة دانمركية في شهر سبتمبر سنة 2005، فإنه قد لاحظ الفارق بين تصرف كل من الحكومتين الدانمركية والسويدية.

فبينما اتخذت الأولى موقفًا غير مكترث بمشاعر المسلمين من مواطنيها والمسلمين في العالم أجمع، كان موقف الحكومة السويدية ـ بعد الدور الذي قام به الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في بيانه الصادر بتاريخ 30/8/2007م ـ إيجابيًا إلى حد كبير، لا سيما في الاجتماع الذي عقده رئيس وزراء السويد مع اثنين وعشرين من السفراء المسلمين لدى بلاده.

وعلى الرغم من عدم تحقيق هذا اللقاء ما يراه المسلمون في العالم كله حقًا لهم على من أساء إلى نبيهم e، فإن التعبير الصريح عن احترام الإسلام والمؤمنين به يعتبر موقفًا، لرئيس الوزراء السويدي، يستحق التقدير.

وقد أشاد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان له صدر غرة رمضان 1428 هـ ـ13/9/2007م، بالدور البارز الذي قامت به منظمة المؤتمر الإسلامي، وبالموقف المهم الذي اتخذه السفراء المسلمون في السويد، يكرر النداء الذي وجهه في مناسبات سابقة بضرورة احترام الأديان وشعائرها وشرائعها والمقدسات لدى المؤمنين بها. وإذا كانت حرية الرأي وحرية التعبير عنه، ضرورة من ضرورات المجتمع الديمقراطي، فإن حدود هذه الحرية تقف عند عدم جواز التعدي على الغير فردًا أو جماعة أو مؤسسة دينية أو مدنية، أو دينًا أو عقيدة.

والقوانين في العالم كله تعاقب على إهانة الأفراد والمؤسسات، ولا تشمل بمثل هذه الحماية الأديان والمعتقدات.

والإسلام الذي يؤمن أبناؤه برسل الله جميعًا {لا نفرق بين أحدٍ من رسله} [البقرة:285]، وبالكتب السماوية المنزلة على هؤلاء الرسل {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} [العنكبوت:46]، يرى أن الأديان والأنبياء والمعتقدات والمقدسات يجب حمايتها بالوسائل القانونية كافة كما يُحمى الأفراد سواء بسواء.

إن واجب الدول الإسلامية في دفع المجتمع الدولي نحو التنبه إلى خطورة تكرار مثل هذه الأحداث على السلم والأمن الدوليين، وعلى محاولات نشر السلام العادل في ربوع العالم، يشمل أيضاً ضرورة السعي إلى اتخاذ خطوات عملية تتمثل في إصدار التشريعات اللازمة في جميع البلدان، لمنع الإساءة إلى الأديان والأنبياء والكتب السماوية والمؤمنين بها، على أي نحو وفي أية صورة كانت هذه الإساءة.

ويُذَكِّرُ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلماء والدعاة والمسلمين جميعًا في العالم كله، ببيانه الصادر في شهر رمضان 1427هـ = أكتوبر 2006م، حول إعادة نشر الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول e، وما أورده هذا البيان في نقاطه الست من تفصيل موقف الاتحاد وعلمائه، الذي يدعو إلى عدم الانشغال بالحملات المفتعلة على الإسلام ونبيه e عن القيام بواجب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والعمل الدؤوب لتحقيق المشروع الحضاري الإسلامي، الذي يخلص المسلمين من التبعية لأعدائهم المجاهرين بهذه العداوة في جميع المجالات.

إن من واجب المسلمين، مع التنبه إلى كل موقف يقصد به إهانة الإسلام أو مقدساته، أن يكونوا دائمًا مرآة للوجه المشرق للإسلام، وتعبيرًا صادقًا عن الخلق الإسلامي الرفيع.

والله متم نوره ولو كره الكافرون، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

والحمد لله رب العالمين،

الأمين العام رئيس الاتحاد

أ.د. محمد سليم العوَّا أ.د. يوسف القرضاوي