د. ربيع حفني

 وَاِخشَع مَلِيّاً وَاِقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ       طَلَعوا بِهِ زُهراً وَماجوا أَبحُرا

كانوا أَجَلَّ مِنَ المُلوكِ جَلالَةً         وَأَعَزَّ سُلطاناً وَأَفخَمَ مَظهَرا

زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُم       حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا

مِن كُلِّ بَحرٍ في الشَريعَةِ زاخِرٍ     وَيُريكَهُ الخُلُقُ العَظيمُ غَضَنفَرا

 كأن شوقي كان ينعت شيخنا القرضاوي بهذه الأبيات فهو العالم الأصولي الموسوعي الثقافة، الصادع بالحق في زمن المخاوف.

وهاتان الخلتان: العلم الغزير، والشجاعة الفذة هما سر حبي لك سيدي، لقد رأيت فيك بَحر الشَريعَةِ الزاخِرٍ الذي يروي صحاري الجهل الذي أتى على خضراء الأمة فأوردها المهالك، وهاهي أسفارك وما خطته يداك مشاعل نور يهتدي بها الحيارى.

وإن تحدثت إمامي أو كتبت لمحت حرقتك وهمك بأمتك باديًا، فلا تكتب عن ترف فكري، أو لرياضة ذهنية ثقافيه، بل تكتب تحت وطأة الأحداث، لتعالج ثُلمة وتسد حاجة، تفتقر لها الأمة. فلا تدعها تتسول على موائد الشرق والغرب الفكرية. بل تردها إلى دينها مردًا جميلًا؛ ولذا وقع علمك من نفسي موقع المضطر لحاجته والظمآن للري.

ورأيت فيك شجاعة العز بن عبدالسلام وسعيد بن جبير بملاحمك ضد الطواغيت، الذين ساموا الناس الخسف، والدمار فما ضعفت لك عزيمة ولا لانت لك  قناة، كما قال شوقي: "وَيُريكَهُ الخُلُقُ العَظيمُ غَضَنفَرا"

لاتخش في الله لومة لائم، تجهر بكلمة الحق متحررًا من طغيان الحكام، ومستغنيًا عن تملق العوام؛ لذا تألب عليك الطغاة المستبدون، كما تجرأ عليك رعاع من العوام، يصدق فيهم وصف الإمام علي رضي الله عنه حين قسم الناس، فقال: "الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع غوغاء أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم".

وماذا يضير شيخنا إن أسخط الناس في رضا الله؟ وماذا يضيره نبح قنوات الفتنة وإعلام المسيخ الدجال الذي جعل من الأقزام العملاء عمالقة شرفاء، واتهم الأفذاذ العباقرة المخلصين في دينهم ووطنيتهم؟ ماذا يضير السحاب نبح الكلاب:

إِذا اِعتادَ الفَتى خَوضَ المَنايا     فَأَهوَنُ ما يَمُرُّ بِهِ الوُحولُ

وختاما سيدي تقبل مني خالص ودي وعرفاني