سائلة تقول: إنها تسرح بفكرها أثناء قراءة القرآن، ولا تركز بحيث تتدبر وتتأمل وتتعظ وتعقل، وقد ورد: ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها. وقد يكون هذا وأنا أصلي خلف إمام، فهل أعيد صلاتي إذا سرحت هذا السرحان المذكور؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
لا تعيدي صلاتك، خاصة إذا كنتِ وراء الإمام، الإمام يرفع عنك هذا، وعلى المصلي أن يجتهد في تدبر كتاب الله، بأن يتأمل ما يقرأ الإمام، يتأمل الفاتحة وفي معنى قول الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فالنعم التي تغمره هي من عند الله، {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (النحل:53)، يتذكر هذا كله.
وإذا سمع: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يتذكر رحمة الله عز وجل التي وسعت كل شيء. {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يتذكر يوم القيامة، والوقوف بين يدي الله عز وجل، وهكذا.
فالإنسان يستجلب الخشوع ويستحضر قلبه، ويتدبر ما يتلوه أو يقرؤه الإمام قدر استطاعته، فإذا غلبه الوسواس أو النسيان أو سرح بخياله، فالله تعالى غفور رحيم.
أما إن ضاعت منه الصلاة كلها وهو سارح، لم يعقل منها شيئًا، لا يدري كم صلى الإمام، أو بأي شيء قرأ؛ فالأولى على كل حال أن يعيد الصلاة؛ لأن حضور القلب هو روح الصلاة، وقال سفيان الثوري: يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها(1). وعن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عُشْر صلاته، تُسُعها ثمنها، سبعها سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها"(2).
.....
(1) رواه أبو نعيم في الحلية (7/61)، وصححه إسناده الألباني في الضعيفة (14/1027).
(2) رواه أحمد (18879) وقال مخرجوه: صحيح، وأبو داود في الصلاة (796)، والنسائي في الكبرى في السهو (615)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (761).