|
وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا رسالة شديدة اللهجة إلى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" تطالبه فيها بضرورة الإلغاء الفوري للشارات الحمراء التي صدرت بحق العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والداعية الشيخ وجدي غنيم وحملتها المسئولية القانونية على ما يترتب على ذلك.
وبينت المنظمة في رسالتها أنها سبق أن وجهت رسالة بتاريخ 05/09/2013 إلى رئيسة الإنتربول تحذر فيها من التعاون مع السلطات المصرية في أي مذكرة إلقاء قبض؛ وتلقت المنظمة ردا من المستشار العام للإنتربول السيد جويل سولير بتاريخ 30/12/2013 أكد فيه على الإلتزام بدستور الإنتربول ومباديء القانون الدولي التي تنص على عدم التعاون مع أنظمة تنتهك القانون الدولي وتصدر طلبات قبض على أسس سياسية، فالسلطات المصرية طلبت من الإنتربول بعد الثالث من يوليو 2013 اصدار شارات بحق مئات المعارضين لكن الإنتربول رفض وتمسك بمبادئه فما الذي تغير اليوم؟
فقد جاء في المادة رقم 3 فقره 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بخصوص مبدأ عدم الرد ما يلي (لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توفرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب).
وأضافت المنظمة أن إصدار هذه الشارات في هذا التوقيت مع وجود أدلة متراكمة على أن النظام المصري يقمع بلا هواده معارضيه ويفبرك الإتهامات؛ يثير الشك والريبة، ويؤكد أن الإنتربول لم يتعلم من حالات سابقة عندما أصدر شارات حمراء ساعدت على إلقاء القبض على معارضين ليتم تسليمهم إلى أنظمة دكتاتورية سامتهم سوء العذاب وحكمت عليهم لسنوات طويلة.
وأكدت المنظمة في رسالتها أن انهيار منظومة العدالة في مصر ثابت في التقارير الدولية، وأن البطش الذي تمارسه السلطات المصرية بحق المعارضين غير مسبوق من حيث الكم والنوع؛ فالاعتقالات التعسفية طالت جميع شرائح المجتمع المصري رجالا ونساءً وأطفالا وكبار سن، ففي خلال عام واحد اعتقلت قوات الأمن أكثر من 30 ألف معتقل، وتحولت السجون في ظل تفشي التعذيب والإهمال الطبي إلى مقابر للأحياء تحصد أرواح المعتقلين بشكل مستمر؛ فتوفي داخل تلك السجون 118 محتجزا على الأقل منذ الثالث من يوليو2013 وحتى الآن.
أضف إلى ذلك المجازر التي ارتكبتها قوات الأمن في الشوارع والميادين، والتي كان أشهرها مجازر الحرس الجمهوري، والمنصة، ورابعة والنهضة، والتي راح ضحيتها الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، ولم تقم أي سلطة في مصر باتخاذ أي إجراءات لإنصاف الضحايا.
وبينت المنظمة أن إصدار مثل هذا القرار بملاحقة رموز مجتمعيين في قضايا هزلية ملفقة من قبل النظام المصري؛ يفقد الثقة في الإنتربول وينسف حياده، ويجعله شريكا للسلطات المصرية في انتهاك حقوق أولئك الأشخاص، ويشجع السلطات المصرية على الإستمرار بارتكاب مزيد من الإنتهاكات.
إن التهم المنسوبة إلى الأشخاص المشمولين بقرار الإنتربول هي اتهامات هزلية لا قيمة لها قانونا كونها تفتقر إلى أي دليل مادي يعضدها، وهي ذات الاتهامات التي يواجهها عشرات الآلاف من المصرين، وهي سبب أحكام الإعدام الجماعية على المئات في مصر.
إن جرائم التحريض التي وردت في القرار تستلزم شروطا محددة كي تدخل نطاق التجريم ومن ثم اختصاص الإنتربول؛ فالتحريض هو خلق التصميم على ارتكاب جريمة لدى شخص بنية دفعه إلى تنفيذها.
ويلزم لتحقق هذه الجريمة صدور فعل إيجابي مباشر يحفز الأشخاص لارتكاب جرائم جنائية مع توافر القصد الجنائي لدى المُحرض ثم يؤدي ذلك التحريض لوقوع جريمة محددة كنتيجة مباشرة لفعل التحريض.
وينبغي أن يكون ذلك التحريض جديا وصريحا ومباشرا بإصدار أوامر أو بإعطاء نقود أو أسلحة أو بدعوة صريحة إلى ارتكاب جريمة محددة، ولا يجوز تأويل بعض أقوال الشخص وحملها على معنى تحريضي.
وبإسقاط تلك الشروط على الاتهامات الموجهة للأشخاص الصادرة بحقهم شارات حمراء؛ يتبين أن كافة تصريحاتهم الصحفية والإعلامية هي تصريحات تحمل رأيا سياسيا سلميا معارضا لجرائم النظام المصري ورافضة للانقلاب العسكري الحاصل في 3/7/2014، وهو ما لا يمكن اعتباره جريمة وفق القانون الدولي أو معايير حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق قال محمد جميل مدير عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا "إن الإتهامات المذكورة في الشارات الحمراء على موقع الإنتربول بحق القرضاوي وغنيم تثير السخرية وفحواها يثبت أنها مفبركة صدرت على أسس سياسية، فهل لعالم كبير مثل القرضاوي أن يسرق أو يحرق أو يحرض على القتل وهو الذي عانى من وسطيته ودعوته للحوار لحد تكفيره من قبل الغلاة والمتطرفين".
وأضاف جميل "إن إصدار هذه الشارات من قبل الإنتربول يعصف بمصداقية المنظمة الدولية، ويؤكد أن هناك خلل ما في عمل المنظمة يستدعي فتح تحقيق عاجل داخل المنظمة لكشف ملابسات إصدار مثل هذه الشارات، وإبراز الفساد في هذا القرار.. كيف يمكن للإنتربول أن يتعاون مع دوله تستخدم التعذيب؟!".
ودعا جميل كافة النشطاء إلى المشاركة في الحملة التي أطلقتها المنظمة والتوقيع على عريضه لممارسة مزيد من الضغوط على الإنتربول لإلغاء الشارات الحمراء بحق الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ وجدي غنيم.
ــــــــــ