سليمان شنين/صحيفة الرائد الجزائرية
لا تكتمل زيارة الدوحة دون المرور على علامّة العصر ومجتهد الأمة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الذي ناهز 88 عاما.. قضاها في خدمة الإسلام والمسلمين.. تجول في معظم البلاد الإسلامية، ومنها الجزائر، حيث ساهم بشكل كبير في تأسيس الجامعة الإسلامية بقسنطينة، التي مازال يَسأل عنها وعن إدارتها، ويسأل أيضا عن كثير من الأسماء التي عملت معه فيها .
ولا يمكن لعاقل إلا أن يقرّ للشيخ بالعلم، والتجديد والاجتهاد، والعمل لمصلحة الأمة الإسلامية، فهو مؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.. هذه المؤسسة الشعبية التي تعبر بعمق عن أمل وطموحات الشعوب الإسلامية، وتضم خيرة علمائها من المشرق إلى المغرب، رغم عدم التحاق البعض الآخر بها ، إضافة إلى أنه من القلائل الذين تجاوزت العناوين التي ألفها 120 وكان آخرها تفسير جزء عمّ الذي أعطانا نسخة منه، ولا زال صوته يصدح بالحق، يدافع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين دون أن يخاف في الله لومة لائم.
دار الحديث بيننا عن واقع الأمة الإسلامية والتطورات الحاصلة.. وقد رأينا الشيخ لا زال يقرأ ويطالع ويؤلف، رغم سنه المتقدم. سألنا عن واقع الجزائر والتطورات الحاصلة فيها.. وكعادته اهتم بواقع الحركة الإسلامية، وما تشهده من تفرق وتشرذم.
قدم النصح وقال: "إنه علينا أن نوظف الاختلاف إلى أن نجد العوامل المشتركة وأن يحب بعضنا بعضا وأن لا نتنابز".
الشيخ يوسف القرضاوي متألم كثيرا من واقع الحركة الإسلامية ويدعوها إلى أن تقوم بمهمتها الكبرى والأساسية التي من أجلها وجدت، وفي نصيحته أكد على "ضرورة أن يتجه الجميع ليجتمعوا، ولابد أن يجدوا طريقة للاجتماع، وعلينا أن نحاول من أجل التآلف وأن نتفق على الأصول ،والجزائر بلد الشباب، وليس من الضروري الاتفاق على كل شيء؛ بل على الأصول".
وبعدها سأل عن واقع الجزائر، مع أنه متابع لكثير من تفاصيله، مستاء من بعض جوانبه، ولكنه لا يخفي بل يعلن عن "حبه للجزائر والجزائريين."
وعلى عكس ما يريد أن يصوره البعض: يعتبر الشيخ الجزائر إحدى الدول المهمة والأساسية في العالم العربي، وأن مسؤولية النهوض بالأمة تقع على عاتق الجزائريين والدول الكبرى في العالم العربي .
كما نفى الشيخ الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام بمغادرته قطر وكنا في جريدة "الرائد" قد نفينا من قبل مثل هذه الأخبار، وخاصة أن دولة قطر ملتزمة بخياراتها؛ بل إن الشيخ القرضاوي كان في وقت ما ينتقد حتى بعض المواقف من أمير البلاد السابق، ويلقى كل الترحيب، وتقول مصادر دبلوماسية قطرية إنها لا تتعامل مع هذه المواقف بالطريقة التي تريد بعض المنابر تصويرها، وتضيف: إن مواقف قطر مبدئية لا تخضع للمساومة أو الابتزاز.
وأمام حرصنا على أن يوجه كلمة إلى الجزائريين، قال فضيلته: "إن مواقفي معروفة حول الجزائر، التي لها في قلبي مكانة كبيرة. وأنا أحب الجزائر وأهل الجزائر، وكل من في الجزائر، وأتمنى أن تزول العقبات الموجودة بين الجزائريين لتنهض الجزائر".
وأضاف أنه يتمنى أن يكون للشباب مكانته اللائقة به، لانه لا يزال الشيوخ هم الذين يحكمون البلاد العربية وحدهم.
وأردف: أنا أدعو إلى أن يعطى الشباب والمرأة فرصتهم للقيام بواجبهم في خدمة البلد، وكذلك العناصر المغيبة والمضيعة من العمال والفلاحين، يجب أن تعطى لهم حقوقهم.
الجزائر لديها ثروة كبيرة يمكن أن تستغل، وعلينا أن نضاعفها، ونحن نريد من أمتنا العربية كلها بدل أن يضرب بعضها بعضا، أو يقتل بعضها بعضا أن يتعاونوا على الأهداف الكبرى، وهذا الذي نريده ونرضاه.
وأضاف الشيخ أنه على الجميع أن يكونوا "كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" كما أعاد الوصية للأحزاب عموما سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية بأن تنهض بالبلد، فالجزائر لديها إمكانات كبيرة يجب أن تستفيد منها، وقد استغرب الشيخ وصول الأمة إلى مرحلة أن يقتل البعض البعض الآخر أو يقصيه. وهذا لن تتقدم به الأمة؛ بل ينفرط عقدها، وتتأخر
والجزائر كما قال فضيلته "من حيث السعة: ما شاء الله، وعندها الثروة الزراعية والبترولية والبحرية والسكانية والشبابية خاصة.
وقال: وأرى أنه على أهل الجزائر من أهل العلم والفكر والعقلاء أن يعملوا بشكل مشترك لإنجاز مشروع كبير، في مسيرة كبيرة، لها أهداف عليا منشودة، وفق مراحل بناء حقيقي للبلد بدل الاشتغال بالخلافات التي لا تنتهي .
"إن الذي يهمني هو الإسلام وأمة الإسلام، ويجب أن نعمل على أن تقوم هذه الأمة، فهي أمة مصنوعة، صنعها الله، ومخرجها الله، ويجب أن نعمل على أن تحيا الأمة".
وجدد فضيلته ثقته في أن تصل الأمة إلى مجدها وعزتها "هكذا ختم الشيخ لقاءه معنا، داعيا للجزائر وشعبها.
كما تجدر الإشارة إلى أن مدير مكتب الشيخ يوسف القرضاوي قد أكد لنا أن الشيخ لم يجر أي حوار منذ فترة مع أي وسيلة إعلام جزائرية وأن ما صدر مؤخرا يمكن أن يكون محل مساءلة قانونية.