القرضاوي مع رئيس المجلس البلدي إبراهيم الهيدوس

مهمة المجلس النظر في المصالح المحلية التي تحتاج لها المجتمعات

استقبال القرضاوي

زار القرضاوي صباح أول أمس 12 يناير المجلس البلدي المركزي في الدوحة، وقد استقبله إبراهيم الهيدوس رئيس المجلس وعيسى الكواري نائب الرئيس والمهندس يوسف الحمادي الأمين العام وعدد كبير من الأعضاء والعاملين بالأمانة العامة. في أول اللقاء قدم رئيس المجلس للقرضاوي فكرة عن المجلس ونشاطاته التي يستمدها من القانون رقم 12 لسنة 1998، مبينا أن جلسات المجلس علنية تنقلها جميع وسائل الإعلام إلى الجماهير، وغالباً ما تكون مناقشاتها ساخنة حيث يحرص كل عضو على نيل نصيب الأسد من المشروعات في دائرته مبيناً أن المجلس يستقي الموضوعات التي يناقشها من الأعضاء أنفسهم أو من وسائل الإعلام فيما تطرحه من موضوعات تخص الشأن البلدي.

إلى أعلى

كلمة القرضاوي لأعضاء المجلس

ثم ألقى القرضاوي كلمة عبر في بدايتها عن سعادته بلقاء أعضاء المجلس البلدي واعتبر المجلس خطوة طيبة في طريق ترسيخ قاعدة الشورى التي قرر العلماء أنها قاعدة الإسلام. وبيّن فضل الشورى على الفرد والمجتمع إذ يجب على كل مسلم أن يعمل بهذه القاعدة كلما أقدم على أمر من الأمور الحياتية فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا خاب من استشار ولا ندم من استخار"، وأضاف أن الفرد منا مطالب باستشارة الشخص المؤتمن الأمين الذي يحرص على منفعته ويحب الخير له مشيراً إلى أن القرآن الكريم تضمن العديد من الآيات التي تحض على الشورى وفضلها وفوائدها للعباد، وضرب مثلاً بقصة ملكة سبأ قالت (يا أيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون).

إلى أعلى

أسئلة القرضاوي حول البلدي والبلدية

سأل القرضاوي عن أبرز المشروعات التي أنجزها المجلس خلال الفترة السابقة وأوضح الهيدوس إن هذه هي السنة الخامسة للمجلس وهناك تفاعل بشكل يومي مع المجتمع، واتصالات دائمة مع المسؤولين فيما يخص النواحي البلدية والقضايا التي يناقشها.

وتساءل عن العلاقة بين المجلس البلدي والبلدية وهل تأخذ الوزارة بتوصيات المجلس أجاب الرئيس أن الوزارة تأخذ برأي المجلس رغم أن توصياته بحكم القانون غير ملزمة إلا أنه بحكم إن المجلس منتخب وأطروحاته علنية ومفتوحة لجماهير فهذا يشكل نوعاً من الضغط ولهذا فإن الوزارة ربما تأخذ ببعض التوصيات حتى وإن تأخرت لبعض الوقت.

وسأل القرضاوي عمّا إذا كانت الدورة الثانية أقرب إلى الإنجاز باعتبار إن الأعضاء اكتسبوا خبرة في التجربة الأولى قال الرئيس: يوجد تقارب أكبر مع وزارة البلدية إلا أنه أوضح أن الوقت ما زال مبكراً لتقييم التجربة الثانية والتي لم يمر عليها سوى 6 أشهر، ونوّه الهيدوس أن الدورة الجديدة تضمنت مقعداً نسائياً للعضوة شيخة الجفيري التي ترأس أيضاً اللجنة القانونية بالمجلس وأشاد بجهودها مشيراً إلى أنها تحرص دائماً على حضور كافة النشاطات إلا أن أعمالها حالت دون وجودها معنا اليوم مبيناً أن هذه الخطوة تمثل إشكالية يعاني منها المجلس وهي عدم تفرغ العضو حيث يرتبط معظم الأعضاء بأعمالهم.

إلى أعلى

مبدأ الشورى

وأكد فضيلته أن القرآن قرر الشورى كمبدأ من مبادئ الحياة حيث إنه إذا كان القرآن المكي وضع الشورى كأساس ومبدأ فإنها جاءت في القرآن المدني حيث يقول الله تعالى لنبيه الكريم (وشاورهم في الأمر)، فبعد هزيمة المسلمين في موقعة أحد التي نزل الرسول فيها على رأي الأغلبية من الصحابة الذين رأوا أن من الأفضل الخروج إلى الكفار خارج المدينة ومحاربتهم رغم أنه صلى الله عليه وسلم كان يرى ألا يخرج المؤمنون من المدينة ويقاتلون الكفار في الحواري والأزقة لم يتخل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشورى فالإنسان عليه أن يأخذ بالمقومات الصحيحة ولكن النتائج بيد الله تعالى.

إلى أعلى

دراسة الأمور

وبيّن أن المجالس النيابية والبلدية تتفق مع مبدأ الشورى الذي أقره ديننا الحنيف حيث يجب أن نقلب الأمور على وجوهها المختلفة وكل يدلي بدلوه وعلينا أن نجتهد ونبذل ما في وسعنا وندرس الأمور دراسة حقيقية للموازنة بين المنافع والأضرار ونقر ما ينفع العباد وفقاً لقاعدة فقه الموازنات.

وعلينا أن نتخلى عن الشكليات من أجل المصلحة العامة وضرب مثلاً بمفاوضات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حينما رفض الكفار كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) ورضي باستبدالها بـ (باسمك اللهم) كما وافق على كتابة اسمه محمد بن عبدالله وليس محمد رسول اله بناء على رغبة الكفار، وبيّن أن الرسول الكريم فضل المنافع الكبرى التي ستعم على الإسلام والمسلمين من وراء هذا الصلح وتغاضى عن أمور شكلية.

إلى أعلى

الاستعانة بالخبراء من خارج الأعضاء

وأشار إلى أن المجلس عند تعرضه للأمور التي تهم العباد ينبغي أن يدرسها جيداً وبإمكانه الاستعانة بخبراء من خارج الأعضاء في هذه المجالات حتى يقدموا المشورة والرأي الصحيح وضرب مثلاً بالمجمع الفقهي الذي يضم أعضاء ممثلين عن كل بلد إسلامي وخبراء تتم الاستعانة بهم في دراسة أمور معينة تخدم أهداف المجتمع، فالرجوع إلى أهل الخبرة في هذه الأمور أمر أساسي حتى نستفيد من خبرتهم، وضرب مثلاً آخر بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة بالعلاج عند طبيب مشرك.

وبيّن أن هناك اختلافاً بين المجلس البلدي والمجلس التشريعي أو الشورى، فالبرلمان له مهمة التشريع وإصدار القوانين بما لا يخالف الدستور ومحاسبة الحكومة، أما المجلس البلدي فمهمته النظر في المصالح المحلية التي تحتاج إليها المجتمعات، مشيراً إلى أن الإسلام اهتم بالنظام المحلي في كل منطقة من المناطق حتى الزكاة يدفعها أغنياء المنطقة لصالح فقرائها وضرب أمثلة متعددة من الحديث والسنة التي تبين اهتمام الإسلام بالشأن أو الجانب المحلي باعتباره أصل المجتمع الكبير إذا صلح صلح الجسد الكبير.

وأكد أن الإسلام يحرص على الروح الجماعية التعاونية وغرسها في المسلمين واعتبر أن الروح الفردية هي أخطر ما يواجه أي مجتمع من المجتمعات حيث نهى الرسول المسلم عن الصلاة خلف الصف "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" وفي العبادة نقول (إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم) وهي صيغة جمع حتى ولو كان الإنسان يصلي وحده في بيته.

وعبّر عن سعادته بإقامة المجلس في قطر، وتمنى له التوفيق بالتفاهم بين أعضائه وتوثيق الصلات بين بعضهم البعض من أجل خدمة بلدهم، والرقي به من أحسن إلى الأحسن.

إلى أعلى

تساؤلات الأعضاء

سأل أحد أعضاء المجلس محمد خالد الغانم عن الاختلاف في الرأي بين الأعضاء وأجاب فضيلته: إذا اختلف الأعضاء فلابد أن تكون لدينا قاعدة للترجيح ومن قواعدها الترجيح بالأغلبية وهذه أصل إسلامي وضرب مثلاً باختلاف المسلمين حول طريقة التعامل مع أسرى بدر ومثلاً آخر بتعيين سيدنا عمر رضي الله عنه ستة من الصحابة لاختيار واحد منهم لخلافته ووضع ميزة ترجيحية لرأي عبدالرحمن بن عوف.

وفي مداخلة للمهندس إبراهيم الهيدوس رئيس المجلس عن الديمقراطية قال إننا أتينا إلى المجلس على أساس الانتخابات التي هي شكل من أشكال الديمقراطية والتي يرى البعض أنها مستحدثة ولا تمت للتراث بصلة ويرون أن عملنا مجرد ديكور رغم أننا نحاول أن نفهمهم أن اختيار العضو من قبل المواطنين في جو تنافسي في ضوء مرشحين آخرين وأن العضو حر فيما يبديه من موضوعات ونقاش من خلال وسائل الإعلام.

وأجاب القرضاوي المقصود بالديمقراطية هي الشورى وإذا نظرنا إلى حقيقة الديمقراطية نجد أنها اختيار الشعب لمسؤوليه ومحاسبتهم ومراقبتهم وبمقدوره أن يعزلهم وهذا ما جاء به الإسلام.

ولكن العالم العربي كله يقول هناك ديمقراطية مع أن نتائج الانتخابات هي 99.99 وهذه في الحقيقة ليست ديمقراطية فالديمقراطية هي صيغة توصلت إليها البشرية نتيجة للصراع مع الطغاة طول التاريخ وعندنا في الإسلام أهل الحل والعقد وروح الديمقراطية متفقة مع الإسلام وليت البلاد الإسلامية تأخذ بالديمقراطية، فالمشكلة الأساسية هي فقدان الحرية وتحكم السلاطين في مقدرات الشعوب.

وأعرب عن تقديره للتجربة القطرية واتجاه سمو أمير قطر إلى إرساء قواعد الشورى والديمقراطية التي تمكن الناس من اختيار من يمثلهم وقال: من وقف من هذا يقف ضد التاريخ لأنه لابد أن يختار الناس بأنفسهم بدلاً من أن يملى عليهم.

وفي الختام وجه القرضاوي كلمة للناخبين فقال: أرى أن الانتخاب شهادة ويجب أن تكون مبنية على الحق بمعنى أن الناخب عليه أمانة الاختيار للأصلح حتى لا يقع في الخطأ لأن من يعرف أن إنساناً مرشحاً هو الأصلح ويصوت لآخر بحكم القرابة أو المصلحة فإنه في حكم كاتم الشهادة وعلينا أن نوعي المجتمع حتى يعي أن الانتخابات مهمة وطنية دينية لأنه لو أن كل فرد أدلى بصوته سيفوز الصالح الذي يخدم مجتمعه.

وفي ختام اللقاء قام الرئيس بإهداء درع المجلس البلدي لفضيلة الشيخ كما حرص الأعضاء على التقاط الصور التذكارية مع القرضاوي.

إلى أعلى