دعا فضيلة الداعية الإسلامي د. يوسف القرضاوي المسلمين إلى عدم الركون إلى التشاؤم جراء الانكسارات والهزائم التي تعصف بهم بين الحين والآخر.

وأكد على أن الرد الأمثل على تطرف الدولة العبرية برئاسة شارون لا يكون بالبحث عن فرص جديدة للسلام بل بمقارعة قوته بقوة أشد.

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها فضيلته بجامع عمر بن الخطاب بمدينة خليفة الجنوبية.

وتساءل فضيلته هل كسب المسلمون شيئاً في القرن العشرين الماضي مع خسائرهم الكثيرة؟ إن بعض من ينظر إلى الأمور بمنظارهم الأسود القاتم قد يقولون بأننا لم ننجز شيئاً، وهذا في حقيقته مجاف للحقيقة والواقع فبالرغم من أننا نأكل مما يزرع غيرنا ونلبس مما يحيك غيرنا ونقاتل بالسلاح الذي صنعه أعداؤنا إلا أننا مع ذلك قد تحررنا من الاستعمار العسكري البغيض الذي جثم على الصدور فترة تزيد على القرن استعمر خلالها معظم بلاد المسلمين من المحيط الهادئ إلى المحيط الأطلسي. حيث استطاع أبناء المسلمين وفي طليعتهم القوى الإسلامية طرد المستعمر وتحرير البلاد والعباد من براثنة.

وقال فضيلته ورغم ذلك فقد عاد هذا الاستعمار بصورة أقوى وأدهى ليسير على نظام الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية بل والاجتماعية في بلاد المسلمين وزرع فيه ذلك الكيان الصهيوني الغاصب الذي تشبث بالأرض الفلسطينية وانتزع منها أهلها.

وأضاف لقد كان وما زال الاستعمار الغربي بصورتيه التقليدية والقائمة يمثل أحقاداً دفينة كما أنه يسعى إلى امتصاص ونهب ثروات الأمة فعندما دخل الجنرال (اللنبي) قائد الجيش البريطاني إلى القدس قال: اليوم انتهت الحروب الصليبية.

إضافة إلى ذلك فقد نهب الاستعمار الثروات والمقدرات وسخر الأيدي العاملة المسلمة مقابل أجور زهيدة لا تحقق حتى حد الكفاف، حتى وصل الأمر بهؤلاء إلى اقتحام مناهجنا الدراسية حتى صار أبناؤنا يعرفون عن الثورة الفرنسية والأميركية وعن حملات نابليون بونابرت أكثر بكثير مما يعرفون عن سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه رضوان الله عليهم وإلى هذا وذاك فإن هذا الاستعمار قد دأب على التفريق بين الناس دينياً وإقليمياً ومذهبياً.

وفيما يتعلق بالواقع القائم على أرض فلسطين المحتلة قال د. القرضاوي: ما زالت الدولة المغتصبة قائمة تقتل وتذبح وتدمر وتصول وتجول دون أن تحسب حساباً لأحد وما زال شارون يتهدد ويتوعد ولا نجد في بلاد العرب والمسلمين من تثور ثائرته ويغضب لله وللأمة وإنما نجد الاستسلام الشائن الذي يسمونه (بحثاً عن السلام) وتساءل فضيلته: أي سلام يمكن أن يكون مع هذا القاتل الغاصب الإرهابي والعجيب أننا نجد من يتكلم عن أوسلو ومدريد والشرعية الدولية وهؤلاء يركلونهم بأقدامهم ويضربون بكلامهم عرض الحائط.

وللتأكيد على صورة الدولة العبرية الإرهابية قال فضيلته: لقد قامت دولة إسرائيل على أكتاف العصابات الإرهابية التي كانت تقتل وتدمر وتحرق وتهجر وهاهي تواصل ذلك من خلال اغتيالها لشباب الجهاد الإسلامي وحماس وفتح حتى أنهم أرادوا اغتيال القيادات الأمنية الفلسطينية التي ذهبت لمفاوضتهم، حتى أن عرفات نفسه لم يسلم منهم فقد قتلوا حراسه واعتقلوا من اعتقلوا منهم.

وأبدى فضيلته عجبه ممن يمد إليهم بعد ذلك يده طالباً السلام. وقال: أن مصيبة المصائب الآن أن أبناء قومنا مع هذا الذبح والتشريد والتدمير يقولون لا خيار لنا إلا في السلام.