صالح القلاب
ولا كلمة واحدة تضمنتها الصحف والمنشورات التي تنطق بإسم الحركات الإسلامية الرئيسية لا تأييداً ولا إعتراضاً بالنسبة للصرخة التي أطلقها الشيخ يوسف القرضاوي ، بعد ان طفح كيله ، ضد تدخل إيران السافر في شؤون الإسلام والمسلمين والدفع في إتجاه فتنة مدمرة بين أبناء الوطن الواحد من سنة وشيعة وسواءً كان هذا الوطن هو مصر أم لبنان أم العراق أم اليمن ام البحرين .. أم حتى الجزائر التي لم تعرف التشيع وكل أهلها ، كما هم أهل المغرب العربي كله ، على مذاهب الإمام مالك بن أنس بإستثناء أقلية '' أباضية '' لم تتعرض لأي إشكالات لا في السابق ولا في اللاحق .
كأن على رؤوسهم الطَّير .. وكأن هذا الذي قاله هذا الرجل الذي يعتبر ، وهو كذلك ، من أكبر المراجع الإسلامية في هذا العصر ومن أكثرهم إعتدالاً يجري في كوكب آخر وهذا في حقيقة الأمر يدعو الى ما هو أكثر من التساؤلات وبخاصة .. بخاصة وأن الشيخ يوسف القرضاوي قبل ان يضطر الى إطلاق هذه الصرخة ضد هذا الذي تقوم به إيران كان بالنسبة لهؤلاء لا ينطق عن الهوى وكانت صحفهم ونشراتهم تطفح بصوره بسبب وبدون سبب .
لا يمكن ان يعتبر الشيخ القرضاوي مؤججاً لنيران الفتنة فهو معتدلٌ وواسع الأفق وهو غير '' متمذهب '' ولا طائفي وهو عندما أطلق هذه الصرخة التي كبتها في صدره طــويلاً فإنه لم يقصد لا '' الشيعة '' ولا المذهب الشيعي الشريف بل قصد إيران التي لم تعد تتستر على تطلعاتها الإقليمية ولم تعد تخجل من التغني بمجد '' فارس '' القديم والسعي لإستعادة هذا المجد ولكن تحت الراية الشيعية التي قبل إسماعيل الصفوي لم تكن إلا راية محبة وتآخٍ بين المسلمين .
هناك حبل سرِّي يربط بين إيران وبين هؤلاء الذين أغلقوا آذانهم وعيونهم وأفواههم أيضاً إزاء صرخة التنبيه والتحذير والإستغاثة التي أطلقها الشيخ يوسف القرضاوي وأراد بها إعتراض الخطر قبل وقوعه والتي من المؤكد ان الشيعة العرب الرافضين للنفوذ الإيراني وغير الملتزمين بولاية الفقيه قد رحبوا بها وإعتبروها سعياً مشكوراً لدرء الفتنة وتوجيه الأنظار الى هذا التلاعب المتمادي بالأخوة الإسلامية السنية الشيعية .
أليس مستغرباً ان يستقبل ، الذين من المفترض أنهم يقفون الى جانب القرضاوي وبخاصة بالنسبة لقضية على كل هذا المستوى من الخطورة ، هذه الصرخة الصادقة التي أطلقها هذا العالم الإسلامي الكبير الذي يتسم بالإعتدال ، وحتى مع غير المسلمين ، بإطفاء الأضواء وبالصمت المريب .. إلا يبعث على ما هو أكثر من التساؤل ان تصدر الصحف التي تقول إنها إسلامية وكأن شيئاً لم يكن وكأن هذه '' الخضَّة '' الهائلة تجري في بلاد '' واق الواق ''..؟!
إن ما قاله الشيخ القرضاوي لم تفهمه سوى الأبواق الإيرانية على أنه نفخ في نيران الفتنة وأنه تحريض لأهل السنة على الشيعة .. والسبب هو : '' ان المريب يكاد يقول خذوني '' وهو ان الذي على رأسه قرعة يتلمسها وهو ان هذه '' الصرخة '' جاءت بمثابة إشعال شمعة بدل الإستمرار في لعن الظلام وهو ان الذي في بطنه حُمُّص هو الذي لا ينام .. وهو ان إيران عرفت أنها هي المستهدفة وأن المذهب الشيعي أسمى من ان يكون هو المستهدف أو المقصود .
للمـــرة الثانية والثالثة والألف .. إن '' التشيع '' بالأساس بدأ عـربياً وأن كل أئمة السنة ، '' أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس والشافعي وإبن حنبل '' ، كانوا يتعـــاطفون مع آل البيت وأن بعضهم دفع حياته بسبب الدفاع عنهم ثم وأنه لم تكن هناك مشكلة سنية شيعية إلا بعد ظهور إسماعيل الصفوي في الصورة الإسلامية العامة وبعد ان حول إيران من المذهب السني الى التشيع على الطريقة الصفوية وعلى أساس '' ولاية الفقيه '' بالقوة وبعد ان جاءت هذه الثورة الخمينية لتكمل المشوار وتسعى لإستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية بإستخدام السلاح و'' المال الحلال '' للتلاعب بوحدة المسلمين التي هي أكثر من ضرورية ولازمة في هذه المرحلة الخطيرة .
.......
- نقلا عن صحيفة الرأي الأردنية.