مكرم محمد أحمد
ارتكبت إيران حماقة أخري كبيرة, تكشف عن طموح فارس للهيمنة وفرض سطوتها علي العالم السني, عندما شنت هجومها الحاد علي العلامة الإسلامي يوسف القرضاوي, لمجرد أنه نصح علماء الشيعة ودولة إيران بوقف محاولاتهم نشر التشيع في بلاد السنة, حرصا علي حسن العلاقات بين الشيعة والسنة, ووأدا لتوسيع فرص الفتنة بين الجانبين, وتأكيدا علي ضرورة الحفاظ علي وحدة العالم الإسلامي, خصوصا وأن الشيخ القرضاوي كان قد أسر هذه النصيحة الي عدد من آيات الله, بينهم نائبه في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين آية الله محمد علي تسخيري.
تجاهلت طهران مواقف الشيخ القرضاوي المعلنة التي تدعم وحدة العالم الإسلامي, وتأكيداته المستمرة علي أن الجميع سنة وشيعة يؤمن بكتاب الله وسنة رسوله, ويتوجهون الي قبلة واحدة, كما تجاهلت مواقف الرجل دفاعا عن حق إيران في استخدام التكنولوجيا النووية, ورفضه أي عدوان إسرائيلي أو أمريكي علي إيران.
ومع الأسف لم ترع طهران أي اعتبار في هجومها الرسمي علي الرجل, الذي شاركت فيه أجهزة الدولة وبينها وكالة الأنباء الإيرانية, التي أذاعت سلسلة من الاتهامات والأكاذيب حول الرجل وأسرته, فندها الشيخ القرضاوي في بيانه الذي نشره علي العالم الإسلامي, واضطر فيه الي أن يعلن عن أسباب خلافه الفكري مع الشيعة.
وأظن أن إيران تعرف قبل غيرها, أن القرضاوي ـ ولست من جماعته ـ أحد كبار علماء المسلمين القلائل الذين ينتصرون للعقل وينبذون الخرافة, ويعززون فكر الإسلام الوسطي, ولأن للرجل تأثيرا قويا في العالم الإسلامي يناصبه الإسرائيليون كما يناصبه غلاة المتعصبين في الغرب العداء رغم اعتدال فكره, ورغم نبذه لأعمال الإرهاب, ورغم موقفه الواضح الذي يفرق بعقلانية شديدة بين حق المقاومة في الدفاع عن وطنها وبين الإرهاب الذي يقتل الأبرياء غيلة دون هدف أو ذنب.
المؤسف أيضا, أن هجوم طهران علي القرضاوي سرعان ما وجد أصداءه علي ألسنة عدد من علماء الشيعة في بعض المجتمعات العربية, شكلوا نوعا من الكورس الجماعي في حملة إرهاب تستهدف تخويف الرجل, ورغم أن القرضاوي كان حريصا حتي آخر سطر في بيانه علي التفرقة بين خلاف عرضي طاريء تسببت فيه حماقة طهران, وبين ضرورات الحفاظ علي وحدة العالم الإسلامي.
........
- نقلا عن صحيفة الأهرام.