السؤال: ما حكم من يعترف على غيره من إخوانه تحت وطأة التعذيب الشديد؟ وهل تجب عليه كفارة؟

جواب فضيلة الشيخ:

 بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

من اعترف على أحد من إخوانه أمام المحقق، تحت وطأة التعذيب الشديد المكثف، الذي نفد صبره معه، وعجزت طاقته عن استمرار احتماله، فهو داخل في باب "المكره" الذي فقد إرادته، في هذه الحالة، وهي ـ مع العقل ـ أساس التكليف.

وقد رخص القرآن للمكره أن ينطق بكلمة الكفر، فرارا من شدة الإيذاء، وفداحة التعذيب، ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان، كما حدث لسيدنا عمار بن ياسر، حين نطق مكرها بمدح آلهة المشركين، وذم النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك كله بطرف لسانه، وقلبه على عكس ذلك، فنزل في ذلك قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل:106).

وجاء في الحديث النبوي:"إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(1)، والمطلوب من المسلم في هذه الحال أن يوطن نفسه على الصبر واحتمال الأذى ما استطاع، فإذا نفد صبره وطاقته، فاعترف، فلا إثم عليه إن شاء الله، ولا كفارة؛ إلا أن يسأل ربه العفو والمغفرة عما صدر منه، فهذا محمود ومطلوب في كل حال.