السؤال: كيف يصلي الأسير الذي يقيم في زنزانة مغلقة، ولا يعرف اتجاه القبلة؟ وهل إذا صلى إلى غير القبلة ثم عرفها بعد ذلك يعيد الصلاة؟
جواب فضيلة الشيخ:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الاتجاه إلى القبلة في الصلاة: فرض من الفرائض الأساسية، التي ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة:144).
وثبت توجه الرسول وأصحابه إلى القبلة في كل صلاة بالسنة القولية والعملية المتواترة... كما أجمعت على ذلك الأمة إجماعا مقترنا بالعمل في كل القرون.
وعلى المسلم إذا أراد الصلاة أن يتحرى جهة القبلة فيصلى إليها إن كانت معلومة، أو يسأل أحدا من أهل المكان إن كان يجده، أو يستخدم ساعة من الساعات الحديثة التي تشير إلى جهة القبلة في أي بلد، أو يجتهد هو بعلامة معينة كأن يرى الشمس بالنهار أو القمر أو نجما معينا بالليل يمكن أن يهتدي به إلى الجهة. مثل النجم القطبي، أو غير ذلك، فإن لم يجد دليلا ولا علامة تساعده ـ ولو ظنا ـ على معرفة الجهة، فليصلّ إلى أي جهة شاء. وفي مثل هذا نزل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:115).
ومن المعلوم أن فروض الصلاة من الشروط والأركان إنما تجب وتلزم عند القدرة وتسقط عند العجز، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"متفق عليه.
وإذا عرف القبلة بعد ذلك، فلا إعادة عليه، فقد أدى الواجب عليه، وصحت صلاته بذلك، فلا مبرر لإعادتها. والله أعلم.