السؤال: أنا إمام مسجد، شافعي المذهب، وهذا يجعلني أجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية. كما أني أدعو بدعاء القنوت بعد القيام من الركعة الثانية في صلاة الصبح، كما هو مذهب الشافعي. ولما كان أكثر الذين يصلون خلفي حنابلة، فإنهم يعترضون على صلاتي بهذه الصورة. فهل يجوز لي أن أتنازل عن مذهبي من أجل الأكثرية التي تصلي بالمسجد؟ أم يجب على المصلين أن يتبعوا مذهبي لأني إمامهم؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..
رغم أني أرجح مذهب الحنابلة في المسألتين المذكورتين في السؤال، لأدلة لا مجال لذكرها هنا. أرى أن حدة الاختلاف على مثل هذه الأمور الاجتهادية لا تجوز؛ لأن الخلاف في مثل هذه القضايا يدور بين الجائز والأفضل، لا بين الجائز والممنوع، ولكل رأي فيها دليل ووجهة.
ولقد رووا عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه صلى الصبح بغير قنوت عندما زار بغداد، بلد الإمام أبي حنيفة وأصحابه، مراعاة لهم. وهو لون من أدب الأكابر حتى مع الموتى، ونظرتهم الواسعة السمحة إلى آراء المخالفين.
أما تعصب كل ذي مذهب لمذهبه، وإنكاره على مخالفيه في مثل هذه المسائل الاجتهادية، فليس هذا من شأن أهل العلم والتحقيق، ولم يكن من أخلاق سلف هذه الأمة. وإنما هو من شأن أهل الجهل والعصبية. ولا غرو إذا أنكره أكابر العلماء وأدانوه وخاصة من الحنابلة.