السؤال: هناك أخطاء في الطواف نلاحظها مثلا شخص ينوي بصوت مرتفع، ويقول: نويت أن أطوف بالبيت مثلا سبعة أشواط. وآخر يقرأ من بعض الكتب خاصة الأدعية المأثورة، هناك كثير من الناس ربما لا يستطيعون أن يعبروا عن أنفسهم، قد يستمع أحدنا إلى الناس أثناء الطواف فيردد معهم دون قصد ولكن النية في ذلك أنه يريد أن يدعو كما يدعو الآخرون، وأنا أحسب في ذلك أن هذا المرء ربما يكون قد استعان بهؤلاء في الدعاء وأعتقد نيته سليمة في أنه يريد أن يعبر عن نفسه من خلال الحج وأنا أعتقد أن هذا المؤتمر الإسلامي الجامع قد يتيح الفرصة ليتعلم شيئا من هذا الطواف، فما رأي فضيلة مولانا وجزاكم الله خير.

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:

نحن عرضنا لهذا فيما سبق حول الحج وبالنسبة لعملية النية في الطواف.

أولا: بالنسبة للنية أرى أن الإنسان ينوي الحج بكل أركانه وأعماله وليس من الضروري أنه كلما بدأ شيئا يقول: نويت الطواف، نويت السعي، والنية في الحقيقة محلها القلب، ما معنى أن الإنسان يقول: نويت أن أطوف وكل شوط يقول نويت الشوط الأول، نويت الشوط الثاني، وعندما يريد أن يشرب ماء زمزم، ليس هذا مطلوبا يكفي أن يقول لبيك اللهم عمرة، أو لبيك اللهم عمرة وحجا، فيكفي هذا وليس مطلوبا منه شيء آخر، وبعد ذلك حسبه أن يستحضر هذه الأشياء بقلبه.

هل الإنسان حينما ينوي أن يذهب لعمله في الصباح يقول: نويت الذهاب إلى المكتب، لا يقول هذا، هو ناوٍ بدون أن يقول، لو أن أحدا سأله يقول: إلى أين أنت ذاهب؟ لقال له: أنا ذاهب للعمل، لذلك قلنا: النية محلها القلب، ولسنا بحاجة إلى ترديد اللسان في هذه الأشياء، فهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة ولا التابعون، ولا أمر الله به ولا رسوله، والأصل في العبادات التعبد، العبادات هذه توقيفية فلا نزيد فيها ولا ننقص، ولا نفتح فيها بابا للإحداث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة"، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" أي مردود عليه، فهذا بالنسبة للموضوع الأول.

أما بالنسبة للدعاء فقد قلنا: إن الأولى بالإنسان أن يدعو الله سبحانه وتعالى بما يريده من الله، بما يفيض به قلبه، وينطلق به لسانه، فإن كان يريد الغنى يقول: اللهم ارزقني الغنى يا رب العالمين ويسر لي وكثر مالي، وإن كان يريد أن يتزوج يقول: اللهم ارزقني بنت الحلال الصالحة التي تسر قلبي وتعينني على ديني، وآتني منها البنين والبنات.

يذكر في دعائه الأشياء التي يحتاجها من الله جل جلاله، ما أنكرناه أن يمشي الشخص وراء المطوف مثلا فيقول المطوف ويردد من ورائه يقول اللهم.. اللهم، يا ربنا.. يا ربنا، إن كنت.. إن كنت، فهو يردد هناك كلمة كلمة وهو لا يعرف ماذا يقول، هذا ليس مطلوبا، بل ليس محمودا، لكن لا مانع إذا أراد أن يدعو بالأدعية المأثورة في القرآن أو في السنة، ومعه كتاب يساعده؛ لأنه لا يستطيع أن يحفظ هذه الأدعية، فلا مانع أن يقرأ لنفسه هو.

أما القراءات الجماعية والتشويش على الآخرين، فلا أراها حسنة، ربنا يقول {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (الأعراف:55)، ويقول سبحانه وتعالى على لسان زكريا: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} (مريم:3)، فكلما كان دعاؤك في نفسك وتدعو الله فيما تحب، ولو قرأت من كتاب؛ لا مانع في ذلك، لكن لا تمشي وراء الآخرين وهم يلقنونك ما لا تعرفه، وقد تسمع الكلمة منهم خطأ، فهذا الذي لا ينبغي أن يحدث في الدعاء.

وهناك أناس كتبوا لكل شوط في الطواف دعاء خاصا: دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني إلى السابع، وكذلك فعلوا في أشوط السعي؛ وهذه الأدعية لا أصل لها، ولم يرد فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.