أفتى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي بأن مهمات التدريب والمباريات التي يخوضها محترفي الرياضة البدنية من لاعبي الكرة أو غيرهم، إذا ما تمت خارج بلادهم، فلهم رخصة الفطر في السفر، أما ما يتم من مهمات داخل الدول الإسلامية، فالواجب على مسئولي الرياضة في تلك الدول أن يرتّبوا التدريبات والمباريات في الليل ولا ضرورة لإفتائهم بالإفطار.
وجاءت فتوى الشيخ القرضاوي للرد على الصحفي محمد ياسين بن لمنور الذي استفتى فضيلته في حكم إفطار الرياضيين المسلمين في شهر رمضان وهم في مهمة خارج أوطانهم لتمثيل دولهم الإسلامية في البطولات الرياضية.
وفيما يلي نص الرسالة والفتوى:
السؤال:
الصحفي: محمد ياسين بن لمنور
جريدة العرب القطرية و جريدة الشروق اليومي الجزائرية
إلى فضيلة الشيخ الدكتور العلامة يوسف القرضاوي:
السلام عليكم:
سيكون الرياضيون المسلمين على موعد مع الكثير من المناسبات الرياضية العالمية بدول أجنبية و بدولهم في شهر رمضان المبارك، حيث سيمثلون أوطانهم والعالم العربي والإسلامي من وراءهم في هذه المناسبات لرفع رايتهم وتدوين اسمهم، و تتقدم هذه المنافسات البطولة العالمية للجيدو التي ستجري بهولندا من 24 إلى 31 أغسطس و البطولة العالمية لألعاب القوى والتي ستجري باليابان من 15 إلى 23 أغسطس أي خلال بداية شهر رمضان، و البطولة العالمية للملاكمة التي ستنطلق في ميلانو الإيطالية من 1 إلى 12 سبتمبر (أيلول)، فضلا عن أكبر حدث رياضي عالمي وهو التصفيات المؤهلة لكأس العالم، حيث يمثل العالم الإسلامي كل من تونس والمغرب و الجزائر و مصر والسعودية والبحرين و السودان وسيلعبون يومي 5 و 6 سبتمبر (أيلول)، وفي السابق كان بعض الرياضيين يلجئون للإفطار خلال المنافسات الرياضية التي تقام في دول أجنبية، كما كان البعض يتمسك بالصيام كالبطل العالمي الجزائري نور الدين مرسلي الذي حطم الرقم القياسي العالمي لسباق 1500 متر بإسبانيا سنة 1991 وهو صائم..
كما أن الكثير من اللاعبين المسلمين في الدول الأوروبية أصبحوا عرضة لضغوط بسبب صومهم أثناء المباريات، فمنهم من أفطر ومنهم من رفض..
السؤال: هل يجوز للرياضيين المسلمين الإفطار في شهر رمضان وهم في مهمة خارج الوطن لتمثيل دولهم الإسلامية؟ وهل يجوز ذلك إذا تعلق الأمر بكرة القدم؟ فقد سمعنا أن بعض المفتين أجاز للاعبي كرة القدم أن يفطروا إذا كان عندهم مباريات أو تدريب، ولو كانوا مقيمين في بلادهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
(وبعد)
فإن الذي أراه في هذه القضية: أن المهمّات التي تطلب من محترفي الرياضة البدنية من لاعبي الكرة أو غيرهم تتمثل في التدريب والمباريات. وبعض هذه يتم في داخل بلادهم، وبعضه في الخارج.
أما ما يتم منه في خارج بلادهم، فلهم رخصة الفطر في السفر، وهي ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185].
كما جاءت أحاديث صحاح تؤكد ذلك، وأجمعت عليه الأمة. وإن اختلفوا في تحديد مدة المسافر الذي يقيم فترة من الزمن في سفره، ما بين من يحدده بأربعة أيام، وخمسة عشر يوما، وبين من لا يحدد أي مدة، ما دام مسافرا ولم يتوطن.
وهذا يعطي الرياضيين في المباريات الخارجية فرصة للإفطار إذا رغبوا في ذلك، وإن كنت أعلم أن بعض الرياضيين يصرّون على أن يظلوا صائمين، ويتخذوا من الصيام قوة روحية لهم. على كل حال هم مخيّرون، إن شاءوا أخذوا بالرخصة وأفطروا، ولا حرج عليهم، وإن شاءوا صاموا، ولهم أجرهم عند ربهم.
أما ما يتم من التدريبات والمباريات، داخل الدول الإسلامية، فالواجب على تلك الدول والمسؤولين عن الرياضة فيها أن يرتّبوا التدريبات والمباريات بعد الإفطار، أي في الليل، ولا ضرورة لإفتائهم بالإفطار.
هذا وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين