الحلال والحرام في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشـهـد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وبعد:
فهذه هي الطبعة السبعون أو أكثر من هذا الكتاب، الذي أسأل الله أن ينفع به مؤلفه وناشره وقارئه، وأن "يكيفوا" سلوكهم وفقا لأحكامه، غير مبالين بالأفكار الدخيلة، والمذاهب المستوردة .
ويزيد من قيمة هذا الإقبال أن جهودا جبارة تُبذل، وأموالا طائلة تُرصد، وطاقات هائلة تُجند، من القوى المعادية للإسلام على اختلاف أهدافها وطرائقها، وتعدد ألوانها وأسمائها، للصد عن سبيل هذا الدين، وتعويق الدعوة إليه، وقطع الطريق على دعاته، وإثارة الشبهات والأكاذيب من حوله، وتشويه عقيدته وشريعته، وحضارته وتاريخه؛ يريدون أن ترتد الشعوب المسلمة عن دينها، كما ارتد كثير من حكامها الذين اتخذوا القرآن مهجورًا، واتخذوا غير الإسلام منهجًا ، وغير محمد صلى الله عليه وسلم إمامًا.
فإذا أخفقت هذه المحاولات الجهنمية المخططة المدعومة، فيما هدفت إليه من تكفير الجماهير المسلمة، وراج ـ مع هذا كله ـ الكتاب الإسلامي، بل ظل هو الكتاب الأول في سوق النشر والتوزيع، كما تدل الأرقام والإحصاءات، على حين تظهر كتب كثيرة موجهة، تنفق عليها دول ومؤسسات كبيرة عشرات الألوف ومئاتها، فلا تنفق لها سوق، ولا تجد لها قبولا، فهذا ما نُسَرُّ له، ونحمد الله تعالى عليه .
أجل، إنها نعمة من الله، يجب أن نتلقاها بالحمد والشكر؛ فإن معناها أن جماهيرنا المسلمة لا تزال بخير، وإنما الفساد والانحراف في القيادات العميلة المفروضة عليها، وهي قيادات مصيرها حتما إلى الزوال .
ومما يسرني كذلك، أن جماعة من إخواننا الباكستانيين والأتراك بعثوا يستأذنونني، في ترجمة الكتاب إلى الأوردية والتركية، فلم أتردَّد في الإذن لهم، فإن اختلاف اللغات لا يجوز أن يقف مانعا، دون التبادل الفكري بين المسلمين، الذي هو إحدى الخطوات اللازمة في طريق الوحدة الإسلامية المنشودة .
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران:8)
الفقير إلى عفو ربه
يوسف القرضاوي