عبد الرحمن محمود الأودن

 

تربيت منذ صغرى على حب القرضاوى صاحب (الأصول العشرين – الحلال والحرام – فقه الزكاة) والذى تكرر ذكرها كثيرا فى بيئتى التى تربيت فيها.. ولما كبرت ونمت اهتماماتى الدينية زاد حبى للشيخ القرضاوى صاحب  (ترشيد الصحوة – الإخلاص – التوكل – الصبر) صاحب الخطب والبيانات التى أزعجت الطغاة من السلاطين والملوك الذين عاثوا فى بلاد المسلمين فسادًا ، والتى أزعجت كذلك علماء السلاطين لفضحها لمواقفهم المبتذلة المتواطئة مع صاحب القوة وإن كان ظالمًا قاتلًا..

 

وزاد حبى للشيخ الإنسان القرضاوى بعد أن يسر الله لى لقائه لأيامٍ قليلة فرأيت إنسانيته ولمست فيه ما لم ألمسه فى غيره فبالرغم من حمله لهموم الأمة رأيته مبتسمًا ابتسام من رضى عن نفسه واطمأن لما يقدمه لأمته من دور عظيم، وبالرغم من كبر سنه إلا أنى رأيته حريصًا على التقرب من كل تلاميذه وتقريبهم له وإن طال الوقت..

 

فرأيته حريص على التقاط صور فوتوغرافية مع تلاميذه وينادى على من لم يأخذ صورةً معه بالإسم ويالها من إنسانية ، بل أثر فىَّ كثيرًا ذلك المشهد يوم كنا فى ضيافته فى بيته وبعد أن أخذنا كثيرًا من وقته إلا أنه حرص على أن يجلس أمام البوابة الخارجية لبيته على كرسى قد جاءوا به له كى يودع تلاميذه ويطمئن عليهم..

 

وأختم بهذا الموقف الذى لا يعرفه أحدٌ إلى الآن بل لربما لا يتذكره الشيخ فبينا نحن فى انتظار الأسانسير بعد انتهاء احدى الجلسات العلمية بالفندق وكان فى انتظار نوافذ الأسانسير الأربعة جمع من التلاميذ والعلماء وفينا فضيلة الإنسان الإمام القرضاوى وكل واحد ينتظر أن تفتح نافذة الأسانسير التى أمامه ليقدم الشيخ..

 

وإذا بالنافذة التى أمامى قد فتحت فناديت على الشيخ وبقيت بجانب النافذة حتى لا تغلق وتقدم الشيخ وحده وورائه أحد رفاقه فتعثر الشيخ فى قدمى، أمسكت مسرعًا بأحد ذراعيه وأمسك آخرٌ بذراعه الآخر، فانتابنى الهلع مما تسببت فيه بعدما كنت فرحًا أن نافذتى هى التى فتحت أولًا وأن الشيخ لبى ندائى.. وياله من شعور.. غير أن الشيخ الإنسان لم يبد شيئًا من امتعاضٍ أو غيره ولم يكلمنى فى ذلك وأظنه لم يكلم أحدًا إلى الآن .

 

ولا يسعنى الآن بعد انتهاء لقائى بالشيخ فى أيامه الخمسة إلا أن أرافق كتبه وكتب من على نهجه ودربه عل الله أن يسلى قلبى بذلك والذى آلمه فراق الشيخ راجيًا من الله أن يبلغنى مرافقته مرةً بعد مرةٍ فى الدنيا على طاعته سبحانه وتعالى وأن يحشرنى وإياه مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ورفاقه الكرام فى جنةٍ عرضها السموات والأرض إنه ولى ذلك والقادر عليه.