الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد،
فما زالت أحكام القضاء المصري الجائرة تتسارع وتيرتها، وما زال سيف القضاء مسلطا على شرفاء الأمة وحماة الوطن.. وما زالت الأحكام الموتورة تتصاعد حدتها، وما زال سدنة القضاء الذين تجردوا من نوازع العدل، وصحوة الضمير: في غيهم يعمهون.
يحكم على دكتور مرسي الرئيس الشرعي المنتخب بعشرين سنة، في قضية أحداث الاتحادية، التي قتل فيها ثمانية من الإخوان المسلمين، وتخلت الشرطة والشرطة العسكرية فيها عن تأمين قصر الرئاسة، حتى رأينا من المتظاهرين من يهاجم باب القصر بـ(البلدوزر)!! يحاكم لموت اثنين ولا يحاكم السيسي، الذي قتل الآلاف في رابعة والنهضة وغيرهما من ميادين الثورة!! وما زال يقتل ويقتل!!
يحاكم مرسي الذي أبى من أول يوم في رئاسته أن يسكن في قصر الرئاسة، بل بقي كما هو في شقة بالإيجار، والذي رفض أن يقبض في العام الذي حكمه راتبه، بينما يحكم لمبارك وابنيه ورئيس وزرائه ووزير داخليته ومساعديه وأركان نظامه بالبراءة!! مبارك الذي قتل من قتل، وسجن من سجن، وعذَّب من عذب، وسرق ما سرق، ونهب ما نهب، وأفسد ما أفسد.
يحكم على أول رئيس مصري سعى بحق إلى أن تملك مصر غذاءها ودواءها وسلاحها، بينما من باعوا مصر لأعدائها، وأخروها اقتصاديا وثقافيا وتعليميا وصحيا، طلقاء يتمتعون بما نهبوا وما سرقوا!!
كل يوم تثبت السلطة القضائية في مصر أنها سلطة مسيَّسة، فقدت بأحكامها الجائرة كل مصداقية وكل قيمة لقراراتها وأحكامها، فلم يعد القضاء في مصر سلطة من السلطات الثلاث، بل أصبح البلد بكل سلطاته يدار من العسكر.
وما أصدق الشاعر، حين قال:
إِذا جار الأميرُ وكاتباهُ *** وقاضِي الأَرْضِ داهَنَ في القَضاءِ
فَوَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْل *** لِقاضِي الأَرْضِ منْ قَاضِي السَّــمــاءِ
والله سبحانه وتعالى يؤكد أنه لا يغفل عن هؤلاء الظالمين ولا ينام: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
وأقول لسيادة الرئيس محمد مرسي: يا سيادة الرئيس، ما زلنا نذكر كلماتك: إن ثمن الحرية لمصر هي حياتك ودمك.. وأنك مستعد إلى أن تبذل ذلك في سبيل دينك ووطنك وأمتك، لترضي ربك، وتعلي كلمته.
نحيي صمودكم، سيادة الرئيس، وصمود الشرفاء معكم، وصمود أبناء مصر، فتيانها وفتياتها، ورجالها ونسائها، وندعو الله أن يكتب لكم وللأسرى جميعا فرجا قريبا عاجلا.
يا رب خلِّص مصر من أعدائها = وأعن على طاغوتاها الملعونِ
يا رب إن السيل قد بلغ الزُّبى = والأمر في كاف لديك ونونِ
أيها الأحرار القابعون في سجون الطواغيت، وأيها الثائرون في مدن مصر وقراها، اثبتوا فأنتم على الحق، ولن يستطيع أحد أن ينتزع منكم إرادتكم، أو يطفئ جذوة نضالكم، أو يخمد روح ثورتكم.
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى = يوما، وفي التاريخ بِرُّ يميني
ضع في يديّ القيد، أَلْهِبْ أضلُعي = بالسوط، ضع عنقي على السكين
لن تستطيعَ حصار فكريَ ساعة = أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي، وقلبي في يَدَيْ = ربي، وربي ناصري ومعيني
سأظل معتصمًا بحبل عقيدتي = وأموت مبتسمًا ليحيا ديني!