- فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، هل هذه الفوضى ترجع لغياب المرجعية ؟
* هذا من ضمن الاسباب ومن ضمنها ايضا تلاعب الحكام بالعلماء ، فالعلماء لم يعودوا من القوة حتى يستطيعوا أن يقفوا موقفا محددا ويقولوا: هذا حرام، وهذا فرض، وهذا جائز، وهذا مكروه، وهذا وفق السنة .. فالعالم لابد أن يقف موقفا يتشبث به ولا يبالي. وهكذا فعل مشايخنا .. فالشيخ عبد المجيد سليم كان شيخ الأزهر كانت له آراء ضد الملك. وقد قال يوما بشأن ميزانية الأزهر أنها صارت ناقصة حيث: تقتير هنا وإسراف هناك .. ووقتها كان الملك ذاهب إلى إيطاليا لقضاء الصيف والتنزه وفي الوقت ذاته كانت ميزانية الأزهر قليلة غير كافية. وكان الشيخ خضر حسين يقول : اذا لم يزد الأزهر في عهدي فلا ينقص منه . وبالتالي كل عالم لابد أن يكون له موقف قوي لا أن تكون الموافقة على كل شيء .
- ما هو دور اتحاد علماء المسلمين في هذا الجانب ؟ هل يدعو الاتحاد إلى تأسيس أكاديمية تكون مهمتها وضع العلامات البارزة التي يمكن أن يسير عليها العلماء في الفتوى ؟
* نعم نحن نحاول .. ولكن هناك مؤسسات كبيرة تنفق عليها الدول في كل بلد .. وفي الأزهر في مصر يوجد مئات الآلاف من العلماء فكيف هؤلاء يتخرجون ولا يكون منهم رجال فتوى .. وهل نعين نحن من اتحاد العلماء مفتين .. بالتأكيد لن نستطيع أن نفعل ذلك . الذي نفعله نحن هو أننا نبين للعلماء حتى يثوروا على هذا الوضع- وهم الآن ثائرون -كما يثورون على الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون . ولكن هذه الأشياء تحتاج إلى تغيير مناهج وأساتذة وتغيير أنظمة وتغيير امتحانات .. واذا أردت أن تغير فلابد أن يكون لك كيان .
-بعض الجماعات تقوم هذه الأيام بحرق المسلمين وحتى المسيحيين استنادا إلى فتاوى صحيحة في نظرهم ..فهل هناك فتاوى تجيز حرق الإنسان ؟
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تعذبوا بعذاب الله " .. ومعروف أن بعض الناس ادعوا ألوهية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فوعظهم، ونهاهم فلم ينتهوا، فأمر بإحراقهم بالنار. لكن عبد الله بن عباس قال: " إن الرسول قد نهى عن هذا " فامتنعوا بعدها ولم تحدث غير هذه القضية.
ولم يحدث أن أحرق سيدنا أبوبكر الصديق، أو خالد بن الوليد أو غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أحدا من الناس.. وكل ما قيل في ذلك هي أحاديث موضوعة وأكاذيب .
- لكن المشكلة أنه لا توجد بين أهل السنة جهة محددة للفتوى حتى يلتزم بها جميع الناس على مختلف مذاهبهم ؟
* للأسف أهل السنة تنقصهم أشياء كثيرة .. كثيرون يفتون ويختلفون بعضهم عن بعض .
-وعلى عكس أهل السنة أهل المذاهب الأخرى " الشيعة " مثلا تكون لهم مرجعية واحدة في الفتوى .. فلماذا لا يلتزم أهل السنة بمرجعية واحدة ؟
* في كل مكان في العالم كل شيعي له مرجعية خاصة .. وهذا يدعونا للقول لابد من تنظيم الفتوى والمفتين، وأن تكون لهم مرجعية تعلم الناس الفتوى .
- هل ترى أن الإعلام والفضائيات ساعدا في عملية فوضى الفتوى ؟
* أن تفتح الباب لكل الناس للفتوى فهذه مشكلة .. ونحن بقينا سنين نعمل على هذه القضية .. وقد قال صاحب السمو الأمير الوالد حفظه الله يوما لي : "جزاك الله خيرا فقد سددت خطى الشعب هنا في قطر، في حين تجد في البلاد الأخرى الغلو والتشدد، وما ينجم عنهما من تفجيرات وغيرها. وقال سموه " أنه بسبب القرضاوي الذي يقدم برامجه من خلال الإذاعة والتلفزيون منذ بدء عملهما، ومن خلال خطب الجمعة والدروس، فقد عُرف القطريون بالاعتدال والوسطية " .. ولكن هناك غيرنا ممن يقولون ما يريدون، لذا فقد اختلطت الأمور .(يتبع)