السؤال: أوقف بعض المحسنين مبلغًا من المال على أحد المشاربع الوقفية، وحدد هذا المشروع بعينه، فهل يجوز للهيئة المسؤولة عن الوقف أن تستبدل هذا المشروع بمشروع آخر، ترى أنه أكثر أهمية؟ وإن التزمت الهيئة بالمشروع الذي حدده الواقف، وكان المال الموقوف فائضا عن الحاجة، فماذا تفعل الهيئة في المال المتبقي؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هده، وبعد:
فالوقف من أفضل القربات، لما فيه من تجدد الثواب بتجدد الانتفاع به، والأصل أن توضع الأموال الموقوفة في الجهة التي عيَّنها صاحبها، فشرط الواقف يجب اتباعه والعمل به والتزامه، حتى بالغ بعض الفقهاء، فقال: «شرط الواقف، كنص الشارع».
فلو تبرَّع أحد المسلمين لمشروع وقفي بعينه، يجب أن تقوم الدار بوضع أمواله فيه، فإن اكتمل المشروع وكثرت الأموال عن حاجة هذا المشروع الوقفي، فإن أمكن الرجوع إلى صاحب المال الموقوف، واستئذانه أن يوضع ماله في مشروع وقفي آخر فهو الأولى. وإن لم يمكن الرجوع إليه، فيجب أن يوضع في وقف آخر مشابه له، ولا ينفق المال في غير ذلك.
إلا إذا حدث خطب جلل، واحتاج المسلمون إلى هذه الأموال في أمور لا غنى عنها؛ عندئذ يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الأزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد: صرف إلى الجند؟»(). والله ولي التوفيق.
..............
(1) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/429).