السؤال: أثناء مرض زوجتي مرّ عليها رمضانان لم تصم فيهما: الأول أخرجتْ عنه مبلغ ثلاثمائة جنيه مصري، أما رمضان الآخر فقد اتفقنا أن نخرج كفارته إلى ملجأ أيتام، ولما سألناهم، قالوا لنا: إن عندهم ما يكفيهم من الطعام والملابس، وأنهم محتاجون إلى فرش وستائر ونحو ذلك، فأحضرنا لهم هذه الأشياء، ولما سألنا أحد الشيوخ، قال: لا بد لكفارة الصيام من الإطعام أو الكسوة، وبعد وفاتها أديتُ عنها كفارة الصيام بإطعام مساكين حتى أبرئ ذمتي، فهل في كفارة الصيام يلزم الإطعام أو الكسوة أم يكفي التصدق بالمال؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد:
الأصل في كفارة الصيام الإطعام، وليس فيها كسوة- كما أخبر السائل عن الشيخ الذي سأله- أما الكسوة ففي كفارة اليمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، كما في آية المائدة: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللّغْوِ فِي أيْمانِكُمْ ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عقّدْتُمُ الْأيْمان فكفّارتُهُ إِطْعامُ عشرةِ مساكِين مِنْ أوْسطِ ما تُطْعِمُون أهْلِيكُمْ أوْ كِسْوتُهُمْ أوْ تحْرِيرُ رقبةٍ فمنْ لمْ يجِدْ فصِيامُ ثلاثةِ أيّامٍ ذلِك كفّارةُ أيْمانِكُمْ إِذا حلفْتُمْ} (المائدة:89)، أما فداء رمضان فإطعام مسكين عن كل يوم، كما جاء في آية الصيام: {وعلى الّذِين يُطِيقُونهُ فِدْيةٌ طعامُ مِسْكِينٍ} (البقرة:184).
والمذهب الحنفي يجيز إعطاء القيمة في الزكاة والفدية والكفارات، ونحن نأخذ بمذهب أبي حنيفة بجواز إعطاء القيمة؛ تيسيرًا على الناس؛ ولأنه أفضل للفقير؛ لأن الفقير قد لا يريد الطعام، الفقهاء قالوا: يعطي الفقير صاعًا من القمح، أو صاعًا من الشعير، والفقير غير محتاج إلى القمح أو الشعير، القيمة الآن هي التي نفتي بها، ونرى أنها هي التي تؤدي مقصود الشرع في هذه الناحية، يأخذها الفقير فيأتي بها بالطعام الذي يريده، أو الشيء الذي يحتاجه. وعلى كل حال إذا كان الأخ رجع وأطعم مرة أخرى، فجزاه الله خيرًا، ولكن كان يكفيه دفع القيمة.
ولكن دفع قيمة صاع من القمح أو الشعير الجاف، ليست قيمة ما يطعم الإنسان ويشبعه، والذي أراه أن يعطي قيمة وجبة طعام {مِنْ أوْسطِ ما تُطْعِمُون أهْلِيكُمْ} (المائدة:89) أي: طعام يكون من خبز ولحم وخضار مطهي وشيء من الأرز وقليل من الحلوى، فهذا هو الغذاء المتوسط للإنسان، وأحسب أنه الإطعام الذي يشير إليه القرآن، فإما أن يصنع لهم طعام من هذا النوع، أو يعطيهم قيمته، والله أعلم.